أظهر استطلاع رأي جديد أجرته شركة كاسبرسكي تحولًا كبيرًا في اهتمامات الأطفال وتطلعاتهم في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، إذ لم تَعد الوظائف التقليدية هي الخيار الأول للجيل الجديد، بل أصبحت صناعة المحتوى الرقمي هدفًا يسعى الكثيرون إلى تحقيقه.
فقد أظهر الاستطلاع أن نسبة تبلغ 42% من الأطفال يرغبون في أن يصبحوا صنّاع محتوى في المستقبل، مما يعكس تأثير العصر الرقمي عليهم، فالأجهزة الذكية لم تَعد أداة ترفيه، بل أصبحت نافذة لحياة مهنية جديدة تتشكل معالمها في أذهان الصغار باكرًا.
وتتجاوز هذه الرغبة مجرد الأمنيات؛ إذ أكد 44% من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع أنهم بالفعل يطورون مدوناتهم الخاصة أو يعملون على محتوى للمستقبل، مما يدل على جدية اهتمامهم بهذا المجال.
وتؤكد هذه النتائج أهمية فهم كيفية تعامل الأطفال مع العالم الرقمي، وضرورة توجيههم نحو استخدام هذه الأدوات بنحو إيجابي ومنتج، بدلًا من مجرد الاستهلاك السلبي للمحتوى.
وقد أجرت شركة كاسبرسكي هذا الاستطلاع بالتعاون مع وكالة (تولونا) للأبحاث، وشمل الاستطلاع إجراء 5,000 مقابلة مع الأهالي والأطفال، الذين تراوحت أعمارهم بين 3 أعوام و17 عامًا، وتوزعت المقابلات على خمس دول هي: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وتركيا، وجنوب أفريقيا.
ولكن ما دوافع الأطفال لدخول عالم صناعة المحتوى؟
تُظهر نتائج استطلاع كاسبرسكي أن دوافع الأطفال للتحول إلى صنّاع محتوى متنوعة، وتشمل:
الشهرة: ذكر 53% من الأطفال أن الشهرة هي أحد الأسباب الرئيسية لرغبتهم في هذه المهنة.
الاستمتاع: أفاد 46% من الشباب بأنهم يستمتعون بإنشاء المحتوى المرئي.
الربح: يعتقد 36% من المشاركين أن التدوين وسيلة سهلة لجني المال دون جهد.
العصرية: اختار 32% منهم مهنة التدوين لأنها عصرية.
وتعكس هذه الأرقام تحولًا ثقافيًا وسلوكيًا في اهتمامات الجيل الجديد، الذي يرى في المنصات الرقمية مجالاً مهنيًا مشروعًا وطموحًا.
ما رأي الأهل في اختيار أبنائهم؟
يوضح الاستطلاع تباينًا واضحًا في مواقف الآباء تجاه طموح أطفالهم في أن يصبحوا صنّاع محتوى، وشمل ذلك:
الموافقة: أعرب 16% من الأهالي عن موافقتهم على امتهان أطفالهم هذه المهنة مستقبلاً.
الرفض المؤقت: يرى 44% من الأهالي أن صناعة المحتوى ليست مهنة مقبولة في المرحلة العمرية الحالية.
الرفض التام: رفض 25% من الأهالي هذه الفكرة تمامًا.
وتكشف هذه الأرقام عن صراع بين نظرة الأطفال للعالم الرقمي كنقطة انطلاق مهنية، وبين مخاوف الأهالي التي قد ترتبط بعدم استقرار هذه المهنة، أو تأثيرها في دراسة الأبناء، وحتى طبيعة المحتوى الذي سيقدمونه.
ومع ذلك، أظهر الاستطلاع أن أغلبية الأهالي لا تعارض هذا التوجه بنحو مطلق؛ إذ إن 74% منهم يدعمون هذا المسار أو على الأقل لا يرفضونه، مما يدل على وجود مرونة واستعداد لدى الغالبية العظمى من الآباء لمناقشة هذا الأمر وفهمه، مما يتيح فرصة لتقديم التوجيه والدعم للأطفال، بدلًا من الرفض التام الذي قد يعيق نموهم وشغفهم.
ويؤكد سيف الله جديدي، الرئيس الإقليمي لقنوات المستهلكين في شركة كاسبرسكي، أن صناعة المحتوى ليست مجرد هواية، بل هي فرصة لتنمية مهارات أساسية لدى الأطفال، فبصرف النظر عن رأي الأهل، فإن عملية إنشاء مدونة وإدارتها والترويج لها تتطلب مجهودًا كبيرًا وتنمية مهارات متعددة، مثل: التفكير الإبداعي، والتعبير عن الذات، والتواصل، والتسويق الرقمي، ويمكن أن تفيد هذه المهارات الأطفال في مستقبلهم المهني بنحو كبير.
كما يشير جديدي إلى أن التدوين يمكن أن يكون أداة لتعزيز الروابط الأسرية، إذ يساعد الأهل في فهم اهتمامات أطفالهم وعالمهم بنحو أفضل، مما يزيد من التقارب بينهم، ويشدد على أن دعم الأهل ضروري جدًا، لأنه يمنح الأطفال الثقة لتحقيق طموحاتهم.
ومع هذا الدعم، يجب على الأهل أن لا يغفلوا جانبًا مهمًا وهو الأمن السيبراني، فمع دخول الأطفال عالم الإنترنت، يجب توعيتهم بأهمية حماية بياناتهم الشخصية وكيفية التفاعل الآمن مع الآخرين، لضمان تجربة إيجابية وآمنة في رحلتهم كصنّاع محتوى.
نصائح خبراء كاسبرسكي لحماية الأطفال:
قدم خبراء كاسبرسكي مجموعة من النصائح لصنّاع المحتوى الشباب وذويهم، لضمان انطلاقهم في عالم صناعة المحتوى الرقمي بثقة وأمان، ويشمل ذلك:
تعزيز أمان الحسابات: تُعدّ حسابات التواصل الاجتماعي هي الأداة الأساسية لصانع المحتوى، لذلك يجب أن تكون حمايتها أولوية قصوى. تفعيل خاصية المصادقة الثنائية (2FA) يوفر طبقة إضافية من الأمان، ويحمي الحسابات من أي محاولات اختراق أو سرقة، مما يجعلها ميزة لا غنى عنها.
إنشاء كلمات مرور قوية: من الضروري جدًا استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب، ولا ينبغي أبدًا إعادة استخدام نفس كلمة المرور في حسابات متعددة، سواء كان بريدًا إلكترونيًا أو حسابًا عبر منصة اجتماعية، لتجنب تعريض جميع الحسابات للخطر في حال اُخترقت كلمة مرور واحدة.
الوعي بالخصوصية وحدود المشاركة: يجب على صنّاع المحتوى الشباب إدراك أهمية الخصوصية وتحديد المعلومات التي يمكن مشاركتها وتلك التي يجب الاحتفاظ بها، ومن الضروري تجنب مشاركة البيانات الحساسة مثل معلومات بطاقات الهوية، أو التذاكر، أو الوثائق الشخصية. كما يُنصح بشدة بعدم الإفصاح عن الموقع الجغرافي أو الخطط المستقبلية للرحلات، لتفادي أي مخاطر محتملة.
التعامل مع الغرباء عبر الإنترنت: سيتفاعل صانع المحتوى الشاب مع أشخاص مختلفين عبر الإنترنت. لذلك، يجب على الأهل التحدث مع أطفالهم عن الحدود المسموحة للتواصل مع الغرباء، وتوضيح المعلومات التي لا يجب مشاركتها. ويجب أن يدرك الشباب أن ليس كل المتابعين هم أشخاص موثوق بهم، وأن عليهم الاستعداد للتعامل مع التواصل غير المرغوب فيه، وفي مثل هذه الحالات، يفضل تجاهل الرسائل أو حظر المستخدمين المشبوهين.
استخدام أدوات الحماية الأمنية الموثوقة: يمكن للأهالي توفير طبقة حماية إضافية لأطفالهم من التهديدات السيبرانية باستخدام أدوات أمنية متخصصة مثل: (Kaspersky Premium)، الذي يساعد في تأمين الأجهزة والبيانات، وتوفر بيئة آمنة للأطفال لاستكشاف عالم الإنترنت.