• ×

قائمة

Rss قاريء

ابنةُ القمر

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس- غادة آل سليمان 

‎يستسلمُ الظلام لوجودي ويخسر هيبتهُ ، وتتناثر نجومي حولي وتتسابق الشمسُ مع ظلي وتجفُ أقلام الكُتاب لوصفي ..
‎وينتظر الجميع سطوعي !
‎لأنتشل غمام السواد في منتصف الليّل ..
‎لأُسعد كُل من احترق جوفهُ بالنار الذي تُسببه متاعب الحياة ..
‎ولكنني أمتنع أنّ أخرج ، وأذْعرَ من أنّ تنظرَ لي أعين البشر ، لأنّ أعينهم لا تنفعني بقدر ما تضرني ولأنني يجب أنّ ابقى مُعلقة على أرجوحتي، يجب أنّ أُلقي نظراتي ببعد أكثر ، أُريد أنّ أُشفق على المساكين وأضحكُ للأطفال وأتنفس طهر الهواء وحدي ..
‎أُريد أنّ امدَ يد العون دون أنّ يعلموا من أكون ..
‎ولكنني لا أُريد النزول على أرضهم فلقد رأيت فيها العجب !
‎رأيت الدماء تملؤ المكان والجُثث مُستلقية لا تُدفن ورأيتُ الظالم يُنزه والمظلوم يُقهر ، سمعت صُراخ الجوع والحرب
‎ولامس روحي أنني بشر ولا أستطيع مد يدي لمساعدتهم صغارًا كانوا أم كبار قتل قلبّي طفلٌ بريء يُدافع عن وطنه ولا يُنصر ، ورأيتُ أبًا يُلثم شرفهُ أمام عينه ورأيت أمًا تفقد أولادها جميعًا في يومٍ واحد وساعةٍ واحدة ولم تستطع حتى البكاء عليهم أو وداعِهم لأخر مرة !
‎فقد أصبحت جُثةً هي الأُخرى لكن جُثة لم تمت برصاص أو قنابل بل قتلتها الفاجعة قبل وصول بنادقهم لها ..
‎ورأيت عاجزًا لا يستطيع أنّ يرفع البطش عن أهلِ بيته فبكى كطفلٍ لم يتبقى له سِوى نفسه ، ورأيتُ أخًا ينزف دم قلبه على شقيق لم يتم السابعةَ من عُمره ..
‎وبعد هذا كُله تُريدون أنّ أتخلى عن أُرجوحتي وأهبط على هذه الأرض المؤذية القاسية ؟
‎لن أهبطَ حتى تقف الدماء إستنزافها وحتى يغتني الفقير ويتساوا مع الغني حتى يقوم العدل ويُسمع صوت الحق حتى يَحكم الأكثر حكمة والأقرب إلى الله ، حتى تختفي ضغائن كُل قلبٍ مُسلم حتى ينتهي البشرُ أخيرًا لأن هذا لن يحدث ، لأنّ الله وعدنا بهِ في الجنة أقربُ وأبقى .
‎"ابنةٌ القمر على أُرجوحةٍ بين السماءِ والأرض"
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
 0  0  468

التعليقات ( 0 )