• ×

قائمة

Rss قاريء

وصية لأمي

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس-سلمى حميس - الجزائر 

وقفت أمام النافذة في صباح يوم كانت فيه الشمس رامية سهام أشعتها على البلدة، أحتسي كوب قهوتي الساخن. كم أحب مذاقه حين يُلامس شفتاي ،وأشعر بمزيج من الحرارة ورعشة البرودة فيها ، ولكن لطالما كانت آلام المرض تُفسد علي تلك المتعة.
نظرت إلى ذلك العصفور الجميل حين كان يشرب الماء من صحن تضعه أمي له دوماً بعد ما تعب من رحلة الطيران ! حنونة أمي، لم تنسَ حتى الحيوانات ونثرت حنانها حتى عليهم ، إزدادت المنغصات وتجمع كل تفكيري حولها وعليها . فكرت بالموت وكيف سأفارق سبب بسمتي، زحفت إلى الغرفة وعدت الى تلك النافذة التي كانت تجمعنا دوماً وبدأت تتدفق الكلمات على تلك الأوراق فقلت :
أمي حبيبتي يا قلباً حنوناً جمعني في جسده ٩ أشهر ،يا من سهرتِ وتعبتِ، يا نبع حناني، ياحلمي الجميل، وحقيقتي الأجمل، أعلم ... أعلم أنك عندما تقرأين هذه الرسالة ستمحى معظم الكلمات بدموعك، رفقاً بنفسك يا حياتي ويا آخرتي،
أنا سعيدة أتعلمين لماذا؟ تمنيت أن أرحل قبلك لأن الحياة بدونك بالنسبة لي كالجحيم ،أنت جوهرة نفيسة ودرة ثمينة وياقوتة غالية. لا أستطيع ان أجد مثلك في هذه الدنيا، أو بالأحرى المسرحية المليئة بالممثلين غيرك أنت ... نعم أنتِ يا نوري حقيقتي في الحياة، ربما لن تشعري بكلمة " أحبك " لأنكِ اعتدتي عليها، ولكنني أهواك يا ربيعي ونسمتي. آسفة إذا تركتك في هذه الحياة وحيدة ولم أوفِ بوعدي لك ! آسفة لأنني كنت سبباً في حزنك يوماً وسببٌ في سقوط دموعك وأنتِ تقرأئينها الآن في نفس المكان الذي لطالما كان يجمعنا معاً ، أمي تعرفين كم فنيت عمري في الكتابة والتخيل ولم أستطيع إلى هذا اليوم تخيل نفسي بدونك، لم أستطع تخيل الفرح والسرور بدونك، أنت قوس قزح المنزل بهاءً ، أنت السراج، أعتذر لأنني تركت يدك وأنت التي لطالما مسكتها، أعتذر لأنك عندما وقعتِ لم أساعدك في النهوض وأنت كنتِ دوماً من تعينني على الصعود من جديد، أمي إبنتك الآن التي تتعذب بين احضان المرض ستبقى قوية حتى لو رحلت، حتى لو ضعفت ، ستبقين ترين في عيوني القوة لأنكِ علمتني من دروس الحياة كيف لا أغضب، وكيف أتمالك نفسي،وكيف أتغلب على أصعب مخاوفي، جعلتيني أناضل من أجل أحلامي ولا أتخلى عنها ، حتى أصبحت صاحبة شخصية قوية . أمي حتى لو غبت ، وصيتي الوحيدة هي أن لا تنسيني كما لن أنساك ،ولا تهجري نافذتنا حتى ولو غبت عليها ،هذا ميعاد الرحيل وأنت تعلمين كم أستصعب الفراق ،ولكنني أكملت دوري في الحياة ولم أكمل ما ا ..ر...د....ت.....
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
 0  0  1412

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:52 مساءً الأحد 26 مايو 2024.