• ×

قائمة

Rss قاريء

عاشقةٌ في العيادة النفسية!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نبراس-مودة المحمدي - مكة 

دخلتُ عليه و كلّي ألمٌ أهكذا أوصلني العشق إلى هنا؟
جلستُ متكأةً على السرير أنظر حولي هل أنا في روايةٍ ستنتهي بمكوثي هنا؟ هل سأكون إحدى اللواتي جُنّت في ساعةِ العشق إلى أن دارتِ الأرض فأوجدتني هنا بين الأسرّة البيضاء؟
هل سأكون الفتاة التي يتحدث عنها الجميع بأنها التي أتلفت حياتها بيدها!
نعم أنا في العيادةِ النفسية، لقد أوصلني حبّك إلى هنا يا سيدي و لا زلتُ عاشقةً لك مهما زرتُ من مشافي!
بعد غداكَ عنّي تخبطتُّ في أشدّ أنواع الأمراض!
لمْ يُفهم لي طبّ ولا طبيب، لم أُدرج في حالة المرضى لقد كنتُ حالةً مستعصية على جميع الأطبّاء إلى أن أشار الجميع بأن أتواجد في عيادة النفسية علّ ذلك يُجدي بالنفع و يفيد!
هيهات .. و لعله يفيد في غيابك سيدّي، لقد كنت ماردةً في أجوبتي حينما سألني الطبيب عنك أشيءٌ ما يُشغل ذهنك؟ لقد كنتُ صارمةً في إجابتي لا أخشى من كان حاضراً أمامي من الأقربون!
لكني في بدايتي ترددتُ مراراً لأني تعلمت بأن أبقيك سراً بيني و بين الله، بدأت أثرثر له عن هموم الدراسة بدأت أخوض في كلامٍ لا يؤلمني و لا يلامس قلبي وتراً واحدا!

اقترب منّي قليلاً أعمق بداخل عيناي قائلاً: الحقيقة أفضل من الكذب صغيرتي بداخلك حكايةٌ طويلة لن تسع هذه العيادة و لكن هل بااستطاعتي التخفيف منها؟

(أنا عاشقة ) عاشقةٌ لكنّي وجدتّ الحبّ في ملكٍ ليس بملكي!
(أنا عاشقة ) لكني لم يعدْ باستطاعتي قيادةُ نفسي أنا تحت سيطرته و أتدري أنا عاشقة و سأظل كذلك مهما ملأتَ وريدي وغزاً من المهدئات!
(أنا عاشقة ) لكني أحببت مستحيلاً في القانون لم تكتفي عواقب حبّي على شراكةٍ في الحبّ، يُمنع عليّا قانوناً الحبّ يا طبيبي أتدري ما مدى أن تحبّ فتعشق فتمنع من محبوبك و تموت رويداً رويداً ؟!
بدأ يدور حول نفسه و كأنّي حالةٌ مستثناه من المرضى الزائرون لديه!
جلس على مكتبه يناولني مشروبي المفضّل، بدأت الممرضات تجتمعن حولي يدارونني بالحديث و كأني طفلةٌ في الخامسة!
مهلاً أنا في التاسعة عشر و لكنّي في حبّه طفلة!
و إن تجاوزت الستين سأبقى في جميع أموري حكيمة لكنّي سأكون طفلةً تبكيني و تفرحني أتفه التفاصيل!

لملمتُ دموعي و وقفتُ خلف باب العيادة لكي أخرج، أدري بأن جميع من في الانتظار خارجا سيحدّقون النظر فيّ حينما أخرج، سيتعجبون من دخولي هذا الباب الذي بجانبه لوحة يتوسطها قسم " العيادة النفسية" !
سيتعجبون من مظهري الغير لائق بهذا القسم!
سيتعجبون من جمالي ما الذي أتى به هنا!
سيتعجبون و سيسألون كثيراً هل و هل و هل و ستبقى أنت جميع إجاباتي يا عاشقي!

أتدري؟ أنا لا أكترث لنظراتهم عن دخولي و خروجي من هذا المكان!
أنا لا أعبأ لطبيبٍ أو جمهور، أنا أحيا لك و لأجلك!
حبّك أدرجني في لائحة المرضى النفسييّن!
لقد سُجل اسمي في أجهزتهم بأنّي زائرةٌ لديهم
حتّى و إن مضتِ الأعوام و خرجتُ من نوبتي النفسية سيكون اسمي محفوظاً لديهم لكي يخفف عنّي القانون عقابه إن ارتكبت جريمةً ما بسبب جنوني!

آواه .. و أنا التي عهدها الجميع بأنها أكثر النّاس فرحاً و نجاحاً ، ها أنا اليوم أخطو خطواتي الأولى بعد خروجي من هذا المكان، و إن كان هناك من لا يعلم بحقيقتي سأخبركم عن هذه الناجحة إنّها أحد المتخرجين من العيادة النفسية!
العيادة النفسية، أنجبت الكثير من العظماء، ربما دخلتها عاشقة لكنّي سأخرج منها بأعظم من ذلك!

قارئي .. لا تخف زيارة العيادة النفسية ربما يحكم عليها الكثيرون بأنها موحشة و من يدخلها مجنون أو مهووس !
لقد أخطأنا و أسرعنا بالحكم عليها و أنا أيضاً حكمتُ ذلك و ظننتُ بأن من يزورها فقط هم الفاقدين للعقل !
لم أكنْ أعلمُ بأنّي سأكون أحد زوارها! لا لمرضٍ أو عائق جسديّ، لقد زرتها كعاشقة أهلكها الحبّ و أمرضها!
و لو أنّ دخولي لها سيُرجعك إليّ سأحجز مقاعدي هناك انتظرك و أردد مرحباً و مرحباً بالعيادة النفسية !
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
 0  0  1.1K

التعليقات ( 0 )