#رسائل_حِرائية ( ٣ ) رمضان ١٤٣٧هـ

الرسالة الثالثة : لن يستغرب أحدٌ
رمضان في سلسلته الرحمانية يُدربك على فعل أشياء لا تستصيغها ولا تستسهلها،وقد تتكلفها وتحملك على المشقة في فعلها ذلك أنّ الشهوات انتصرت علينا وطغت المادة الطينية فأصبحت كثير من الأعمال الصالحة أعمال شاقة جدا...القيام شاق جدا..الذكر المستمر شاق جدا وصل الأرحام شاق جدا ويبعث على الضجر...كثير من الأعمال التي تحتاجها أرواحنا أمست شاقة علينا..

فرمضان يريدك أن تتدرب على المشاق،يقول لك رمضان الآن لن يستغرب أحدٌ عودتك إلى ربك ولن يستنكر ذلك،وبالمثال فأنا وأنت لا نستغرب جمهور المصلين للفرائض والتراويح في المسجد في شهر رمضان بينما نشعر في الحقيقة بالغرابة عندما نرى ذلك الجمهور في غير أيام رمضان ونتساءل ما إذا كان ثمة اجتماع معقود أو درس وننسى أمر صلاة الجماعة لأنّ الواقع يوضح لنا في أنفسنا وفي الآخرين كم أمست الطاعة غير مستطاعة...وذلك بسب طغيان المادة السفلية على الروح ،وإنني بكل تأكيد لا أدعو لطمر المادة فهي على كل حال فوق حد إمكانية الطمر ولكن أدعو لأن تحتل مكانها الحقيقي ثانيا بعد الروح فهي في أصلها دوني سفلي لا يمكن أن تأتي أولا...

نقول نعم لن يستغرب أحدٌ أنّك منشغل في رمضان بجدول تعبدي ظاهر وخفي ...لن يستغرب أحدٌ عودتنا إلى الصواب والاستقامة...إلى الله...ولكن المستغرب أن يزداد البعض منا معدل نومه وأكله ولهوه في رمضان فهذا هو الغريب حقا وليس غريبا أن يعود الغافل ولا أن يتوب المذنب العاصي فهذا هو المطلوب من العبد.
إنّ رمضان جاء ليرفع سقف الحرج عن المقصر ليندمج في زمرة الموفين والساعين للوفاء بحق العبودية...جاء لكي ليخفف وطأة الاندهاش حين يقبل المبتعد إلى الجماعة وحين يبكي الضال في صفوف الراكعين...جاء ليجعلنا لا نشعر بذلك لانلتفت لهذا الجديد بل يندمج معنا سريعا فيشعر بحق العودة وجمالها ويسرها فلا ترمقه الأعين بعجب ولا تتوجسه النفوس بحذر...ولن يستغرب احدٌ إلا من أولئك الذين جعلوا رمضان مهدا لسهادهم الطويل وملعبا للهوهم الفارغ...وموائد لبطونهم الجشعة!
إنّ لك حق العودة أيها الإنسان...حق العودة لمن فطرك وأحسن لك وأمدك بكل خير فلا تتأخر ففي رمضان كل التأشيرات متاحة.

الرسالة التالية : العفو والسلام .

*حنان الهنائية*@HananR91
*#فريق_حِراء*@hira1437