• ×

قائمة

Rss قاريء

قراءة نفسية للطيار الشهيد معاذ صافي الكساسبة في لحظات الشهادة المباركة / د. معتزالخير مالكابي

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
هكذا عمل معاذ بجد لآخر لحظة ليصلنا هذا الفيديو كما هو.

"و الله غالب على أمره، و لكن أكثر الناس لا يعلمون" صدق الله العظيم

جسد معاذ ثقافتنا .. " المنية و لا الدنية". و هذا تحليل نفسي بكل موضوعية.

أراد ما يسمى داعش، أن يولد للأردنيين مشاعر العجز و القهر و الخوف. لكن بعدما تستبصر في الفيديو من خلال هذا المقال، ستتولد لديك مشاعر الفخر، و الشجاعة، و الغضب، و التفاؤل بالنصر، و بالإيمان. نريد أن نميز ما بين شعورنا بالحزن، وهذا شعور مشروع، و أن ننتبه من أن يؤثر فينا داعش و ينجح في توليد مشاعر العحز و الخوف.

الوعي النفسي و النظر بحكمه و هدوء للمشهد، بالتأكيد سيفشل الغاية، بل و سيقلب الموازين، حيث أن معاذ تجلى في إختياره للطريقة التي يستشهد بها.

حاول داعش إخفاء عجزه و ضعفه بالفيديو من خلال إظهار سيطرته على الموقف، مع أنه في الحقيقية، لم يسيطر إلا على جسد الشهيد، و ليس نفسه أو روحه، و أفشل الشهيد هدف داعش جذريا و بكل ذكاء و إيمان و رباطة جأش.

1- الشهيد لم يصدر منه تصريح توسل أو استجداء أبدا، و عجز و فشل ما يسمى داعش عن كسر إرادته و عزمه مع أنه يأسره. و قرر الشهيد بإذن الله، أن يقضي كما يختار، و أن يعيش لآخر لحظة بحريته النفسية، و هذا نصر معنوي.

2- لم تظهر على الشهيد علامات الذعر إطلاقا. و الدليل المعروف أن المذعور ترتجف قدماه و شفتاه، و لا يستطيع الوقوف، و يرمش بسرعة و يكون نفسه سريعا و وجهه باكيا متقلبا. و على العكس، بقراءة لغة جسد الشهيد علميا: شفتاه هادئتان، قدماه راكزتان، نفسه منتظم، رأسه مستوي، وقفته منتصبه قائمة، و يرمش بطريقة طبيعية، و كان شاخصا في السماء أو رافعا أكف الدعاء لله بثبات و بإيمان. خسر و فشل داعش في الحصول على لقطات رهبة و ذعر من الشهيد.

3- عندما أوقدوا النار و توجهت نحو معاذ، ظل واقفا ثابتا في مكانه، و في موضعه و بدأ بالدعاء. لو أنه ذعر أو إنهار، لبدأ بالصراخ أو الإستجداء أو الهروب في القفص قبل أن تصل النار إليه. ظل واقفا إلى أن بدأت النار تنتشر في جسده، و قاومها في البداية بيديه، و من ثم بدأ رد الفعل للجهاز العصبي اللارادي و هي الإبتعاد التلقائي. و هذه آلية دفاع طبيعية في جسد الإنسان لحمايته. خسر و فشل داعش في الحصول على ذعر ما قبل وصول النار.

4 - رد الفعل للجهاز العصبي اللارادي و هي الإبتعاد التلقائي منطقي و لا يعيب الإنسان لأنه طبيعة فطرية عند كل البشر في هكذا موقف. و هذا ما حصل في بداية وصول النار، غطى الشهيد وجهه و ابتعد قليلا. لكن لاحظ، بعد ثوان معدودة، يتمالك الشهيد الأمر، ويستمر بالوقوف و المشي، و تابع الوقوف، و بقي واقفا ثابتا. بعد 20 ثانية، كان قد استشهد و غاب عن الوعي. لكنه في وعيه كان واقفا ثابتا.

5- لم يكن الشهيد يصرخ أو يستجدي أثناء النار. كان منشغلا بالمواجهة، ليقضي كما اختار أن يقضي. و لذلك، غطى ما يسمى داعش على عجزه بأناشيده الفارغة، ليغطي هزيمته أمام صمود الشهيد الأخير.

6- عندما ارتاح الشهيد على الأرض، على ركبتيه، نزل ببطولة . لم يعفر الشهيد الأرض من الذعر، نزل بعزة، بل و قاوم لأنه أراد أن يبقى واقفا، و مسك بالقضبان ليبقى منتصبا، و في لحظتها فارق الحياة، بطلا، ظل صامدا لآخر لحظة في طريقة جلوسه. و هذا أقوى ما يمكن لأي إنسان أن يفعله في موقف كهذا.

7- عشرون ثانية تقريبا من لحظات وصول نار إبراهيم إلى معاذ، و خلالها سجل أسطورة ثبات و إيمان إلى أن انتقل إلى ربه تعالى بهدوء.

لم يستطع داعش أن يهزم الشهيد الأردني العربي المسلم نفسيا. بل هزمهم نفسيا بكل معنى الكلمة، و سجل شهادة بكل كبرياء و إيمان. علمنا معاذ درسا في الشموخ، خلال أشجع عشرين ثانية من تاريخ الأردنيين.

علم العالم، أن الأردني المؤمن لا يخضع للقوة، بل يستجيب للمواقف بناءا على مبادئه و إيمانه.

الفيديو ظاهريا يستخدمه داعش للحرب النفسية، لكننا، نجد فيه نصرا نفسيا لنا و هزيمة نفسية لداعش شعر فيها بالعجز و الخذلان أمام كرامة و عزة الأردني المؤمن بالله و برسالته.

معاذ، شكرا، شكرا يا معاذ .. على أحلى درس من بضع ثوان في الحرية و الشجاعة و الإيمان و القدرة على الإنتصار، و على قدرة الإنسان أن يختار ما يريد، رغما عن محاولات السيطرة عليه. فعلا، عشت و تعيش الآن صقرا من صقور الله.

"و الله غالب على أمره، و لكن أكثر الناس لا يعلمون" صدق الله العظيم

بواسطة : ناشر
 1  0  757

التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    7 فبراير 2015 03:46 صباحًا admin :
    مقال رائع فعلا يستحق القرآءة والتمعن

جديد المقالات

بواسطة : مريم عبدالله المسلّم

لسان البشر عضلة تخلو من المفاصل والعظم إلا أنه...


بواسطة : سميرة عبدالله أبوالشامات

نجتمع في رمضان على العمل الصّالح المبارك بتفطير...


القوالب التكميلية للمقالات