في تصعيدٍ جديد للأزمة الإنسانية في السودان، طردت الحكومة العسكرية اثنين من كبار مسؤولي برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وسط تفاقم المجاعة الناجمة عن الحرب الأهلية المستمرة منذ أبريل 2023.
وأكد البرنامج، في بيانٍ رسمي صدر من مقره في روما، أن وزارة الخارجية السودانية أبلغته يوم الثلاثاء 28 أكتوبر الماضي باعتبار كلٍّ من لوران بوكيرا، مدير مكتب البرنامج في السودان، وسمانثا كاتراج، مديرة قسم العمليات، "شخصين غير مرغوب فيهما" وطُلب منهما مغادرة البلاد خلال 72 ساعة، من دون أي تفسير رسمي.
وقال البيان إن القرار جاء في "وقت حرج للغاية"، مشيراً إلى أن أكثر من 24 مليون شخص في السودان يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، فيما تتعرض مجتمعاتٌ بأكملها لخطر المجاعة. وأوضح أن فرق البرنامج وشركاءه الإنسانيين تمكنوا مؤخراً من توسيع نطاق المساعدات لتصل إلى أكثر من أربعة ملايين شخص شهريّاً، وهو ما أسهم في الحد من الجوع في واحدة من أعقد وأخطر الأزمات الإنسانية في العالم.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي من أن القرار السوداني يهدد بتقويض العمليات الإنسانية التي يعتمد عليها ملايين السودانيين في الحصول على الغذاء والتغذية الطارئة، قائلاً: "في وقتٍ يحتاج فيه البرنامج وشركاؤه إلى توسيع نطاق المساعدات، يُجبرنا هذا القرار على تغييراتٍ غير مخططٍ لها في القيادة، مما يعرض حياة الملايين للخطر."
وأشار البيان إلى أن مسؤولي الأمم المتحدة يجرون اتصالات مع سلطات الجيش السوداني للاحتجاج على القرار والمطالبة بتوضيحات، داعياً جميع الأطراف إلى إعطاء الأولوية لحياة ورفاه الملايين الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.
وتأتي الخطوة بعد أيام من سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في دارفور عقب حصارٍ دام 18 شهراً تخلله منع دخول الغذاء، ما فاقم الوضع الإنساني في الإقليم.
ويرى مراقبون أن القرار يأتي ضمن نهج متكرر من التضييق على عمل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، إذ سبق للقوات المسلحة السودانية أن طردت نائب منسق الشؤون الإنسانية العام الماضي، ورئيس بعثة الأمم المتحدة في العام الذي سبقه، في ما يُعتبر سياسةً ممنهجةً لترهيب البعثات الدولية والتدخل في جهود إنقاذ الأرواح.
كما انسحبت القوات المسلحة السودانية من الهدنة الإنسانية رغم الجهود المكثفة التي بذلتها اللجنة الرباعية ومن ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي سعت إلى تثبيت وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات، في خطوةٍ وصفها محللون بأنها أحد أسباب تفاقم الأزمة الإنسانية والتصعيد الميداني الذي كان يمكن تفاديه.
ضغوط دولية
وفي تطورٍ لاحق، أقال رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين من منصبه، بعد أن نُسب إليه قرار طرد مسؤولي برنامج الأغذية العالمي، على خلفية احتفائهم بسقوط الفاشر، ما عده الأمين مساساً بسيادة السودان.
ووفق مصادر مطلعة، فإن رئيس الوزراء عبّر عن غضبه الشديد من الخطوة غير المنسقة، ووجّه وزير خارجيته محيي الدين سالم بإبلاغ الوكيل بمغادرة مقر عمله فوراً، في قرار يرمي لامتصاص الغضب الدولي الذي نتج عن قرار الطرد، الذي أثار موجة انتقادات دولية كبيرة.
وجاءت إقالة السفير حسين الأمين بعد ساعات من تحذير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي من أن استمرار الحكومة السودانية في هذا النهج سيؤدي إلى مضاعفة الكارثة الإنسانية التي تهدد حياة ملايين المدنيين، داعيةً الخرطوم إلى التراجع الفوري عن القرار وضمان وصول المساعدات دون عوائق أو تمييز.

كسوة الكعبة المشرفة
الفيصل يضخ المياه العذبة ويؤسس للجامعات في محافظات المنطقة / نبراس - إنتصار عبدالله
تصحيح أوضاع 249 ألف برماوي خلال عامين أطلقها الأمير خالد الفيصل عام 1434هـ


