تسلمت دولة قطر رسميا من جمهورية أذربيجان، رئاسة مؤتمر وزراء العمل في دول منظمة التعاون الإسلامي بدءا من دورته السادسة التي عٌقدت اليوم الخميس 16 أكتوبر 2025 في العاصمة القطرية الدوحة برعاية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء القطري، وزير الخارجية، وتنظيم منظمة التعاون تحت شعار “تجارب محلية، إنجازات عالمية: قصص نجاح في العالم الإسلامي”.
شارك في المؤتمر وزراء العمل ورؤساء الوفود من الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة، بالإضافة إلى خبراء وأكاديميين وممثلين عن المجتمع المدني، وذلك لبحث استراتيجيات منظمة التعاون الرامية إلى تطوير أسواق العمل وتعزيز نظم الحماية الاجتماعية في الدول الأعضاء.
وأعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي السيد حسين طه إبراهيم، في كلمة ألقاها نيابة عنه، الدكتور أحمد كاويسا سنغيندو، الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي، عن خالص تقديره لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولدولة وشعب قطر ووزير العمل علي المري، على كرم الضيافة والاهتمام بانعقاد الاجتماع.
وأشاد بالالتزام المتميز للسيد أنار علييف، وزير العمل والحماية الاجتماعية للسكان في جمهورية أذربيجان، طوال فترة رئاسته الدورةَ الخامسةَ.
وأكد طه أهمية أن تُسهم مداولات المؤتمر في تعزيز الفهم العميق للتحديات التي تواجه سوق العمل، ووضع سياسات فعالة للتصدي لها.
وأشار إلى أن المؤتمر يأتي في لحظةٍ محورية من تاريخ المنظمة، عقب اعلان قرار وقفٍ إطلاق النار في غزة، بعد عامين من الإبادة الجماعية والمجازر وتجويع الفلسطينيين الأبرياء، معربا عن أمله في أن يقود القرار إلى إنهاء كاملٍ للحرب، وإقامة دولة فلسطين على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ليس فقط في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بل أيضًا على أرض الواقع، موجها شكره إلى قطر، ومصر، والسعودية، وتركيا، والرئيس دونالد ترامب، على الجهود الكبيرة المبذولة في التفاوض على اتفاق السلام الحالي في غزة.
كما أشاد بسعي دولة قطر الدؤوب من أجل السلام، مقدما تعازيه في وفاة ثلاثة من مسؤولي الديوان الأميري في حادث سير مأساوي في مصر.
وتطرق الأمين العام إلى التغيرات الجذرية التي يشهدها سوق العمل نتيجة التحولات التكنولوجية والاقتصادية والديموغرافية، ما يولّد حالة من عدم اليقين ويثقل كاهل الحكومات بأعباء إضافية تحدّ من قدرتها على توفير الوظائف لمواطنيها.
وأوضح أن معدل البطالة في الدول الأعضاء – لا سيما في أوساط الشباب – يمثل تحديًا خطيرًا، إذ يبقى أعلى من المتوسط العالمي، وأن أسباب البطالة تُعزى في العديد من الدول الأعضاء إلى محدودية قدرة أسواق العمل على استيعاب العمال، وعدم التطابق بين المهارات المطلوبة والمتوافرة، وانخفاض الإنتاجية، وعدم الاستقرار الاقتصادي الكلي، وموسمية الوظائف، وغياب التناسق بين متطلبات أصحاب العمل ومخرجات الأنظمة التعليمية، فضلًا عن النزاعات وعدم الاستقرار السياسي وغير ذلك.
وأشار إلى أن شعار المؤتمر يعكس الاهتمام بتعزيز العمل اللائق وتحقيق النمو المستدام، موضحا أن تبادل أفضل الممارسات وقصص النجاح في مجال زيادة فرص العمل اللائق والإنتاجي ورفع مستويات المعيشة، سيسهم أيضًا في تحسين القدرة التنافسية للأفراد وبالتالي أدائهم في سياق الاقتصاد العالمي.
ودعا إلى تعميم التعليم والتدريب وتطوير مهارات القوى العاملة في الدول الأعضاء لمواكبة متطلبات سوق العمل، مطالبا بمراجعة المناهج الدراسية على نحو يمكّن خريجي الأنظمة التعليمية من اكتساب المعارف والمهارات والقيم اللازمة لوظائف اليوم والغد.
وتوقع أن يزداد إجمالي عدد سكان الدول الأعضاء بنحو مليار شخص خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، لينتقل بذلك من ملياري نسمة حاليًا إلى 2.9 مليار نسمة في عام 2050، ما يعني أن الدول الأعضاء سيتعين عليها أن تركز على العائد الديموغرافي المحتمل الذي يمثله وجود عدد كبير من السكان الشباب.
وأوضح أن تعزيز التعاون وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات المتعلقة بأطر العمل والحماية الاجتماعية، من شأنه أن يُسهم بشكل كبير في فهمٍ أعمق للتشريعات ولطبيعة أسواق العمل، مشددا على ضرورة الإسراع في تنفيذ برامج وأنشطة، بشأن العمل والتوظيف والحماية الاجتماعية.
وزاد” نحن منكبون على إعداد برنامج عمل منظمة التعاون الإسلامي: 2026-2035، ونطلب من هذا الاجتماع الاتفاق على الهدف المتمثل في خفض معدل البطالة بنسبة معينة من المعدل الحالي البالغ 5.2%”.
وقال إن من المرجح أن تُحدث ثورة الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًا في طبيعة العمل في العديد من القطاعات، حيث ستَخلق العديد من فرص العمل الجديدة، لكنها ستُشكل أيضًا تحديات خطيرة لقطاع التوظيف. ومن ثم يتعين على الدول الأعضاء وضع استراتيجية فعالة لاستغلال الفرص التي سيجلبها الذكاء الاصطناعي والتخفيف من الآثار السلبية التي يمكن أن ينطوي عليها.
وأشار إلى الحاجة الملحة لوضع استراتيجية لمساعدة الفلسطينيين على إيجاد وظائف تمكنهم من إعادة بناء حياتهم في أسرع وقتٍ ممكن، وكذلك دعمُ الدول الأعضاء الأخرى التي تتعافى من الصراعات والحروب، وأيضا الدول المصنَّفة ضمن فئة أقلّ البلدان نموًّا في العالم.
وطالب الدول الأعضاء بدعم مركز العمل التابع للمنظمة فنيا وماليا، كمؤسسةٌ متخصصةٌ تُعنى بقضايا العمل والتوظيف والحماية الاجتماعية .
وأبدى ثقته بأن المؤتمر سيزدهر خلال العامين المقبلين، بفضل رئاسة قطر الرشيدة، مجددا التزام الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بمواصلة العمل لمعالجة مشكلة البطالة، وتهيئة مناخ ملائم للعمل اللائق وتكافؤ الفرص للجميع.
من جانبه، أثنى وزير العمل والحماية الاجتماعية في جمهورية أذربيجان أنار رحيم أوغلو علييف على جهود البلدان الإسلامية وسعيها الدائم لضمان حقوق العمال، مشيدا بالتزام وسعي منظمة التعاون الإسلامي لضمان وحماية حقوق العمال.
كما أشار إلى دأب وزارة العمل في جمهورية أذربيجان على تعزيز القيم الإنسانية، مثنيا على دور منظمة التعاون الإسلامي في دعم أذربيجان المستمر في جميع المراحل التي مرت بها حتى نهضت.
وقال علييف إنهم في أذربيجان يفخرون بالدور الذي يقوم به مركز العمل لمنظمة التعاون الإسلامي في باكو رغم حداثة تأسيسه في عام 2024، مشيرا إلى أن لدى المركز الكثير من المشاريع والنشاطات التي تعزز عمله مستقبلا، داعيا الدول الأعضاء للانضمام إلى المركز ودعم مسيرته.
وطالب بالاستخدام الفعال لقدرات الشباب وتدريبهم ما يعزز من نمو اقتصاد البلدان، بجانب اشراك المرأة في سوق العمل والسعي لتعزيز قدراتها في هذا المجال، وتنمية مهارات العاملين في سيبيل النهضة بسوق العمل ومجابهة مخاطر وتحديات المرحلة.
عقب ذلك، سلم علييف، وزير العمل القطري علي بن سعيد بن صميخ المري، رئاسة الاجتماع، حيث أكد المري أن انعقاد المؤتمر في الدوحة يأتي في مرحلة حساسة تزداد خلالها التحديات
الاقتصادية والسياسية التي تمس أمن الإنسان، مؤكدا أن نجاح الاجتماع تعبير جديد عن قوة الإرادة.
ووصف منظمة التعاون الإسلامي بالصوت الموحد للأمة الإسلامية، مشيدا بدورها الفعال في التصدي لحماية القضايا الإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة دعم الفلسطينيين في نيل كامل حقوقهم وفي مقدمتها حقهم القانوني في دولة مستقلة.
وأكد ضرورة تمتع الشعب الفلسطيني بحقه في العمل بعيدا عن الاحتلال، وضرورة تمكينه في عمله كجزء من صميم العمل.
وأبان أن انعقاد المؤتمر يأتي في ظل التحولات الكبيرة في سوق العمل، والتي تفرض تأهيل الكوادر لمجابهتها، موضحا أن وزارة العمل القطرية نفذت سلسلة من الإصلاحات جعلت دولة قطر نموذجا يحتذى كسوق عمل مرن قائم على العدالة والتنمية.
من جانبه، أشاد المدير العام لمنظمة العمل الدولية جيلبرت هونجبو، بمنظمة التعاون الإسلامي ونجاحها بجانب قطر في تنظيم المؤتمر الذي وصفه بالتجمع المهم، مشيرا إلى أن المنظمة ودولها الـ57 يمثلون أكبر تكتل وصوت جماعي.
وأبان في مشاركته عبر الانترنت، أن بناء الجسور من أجل التوافق هو الذي يذكي الروح الجماعية في منظمة العمل الدولية.
وتطرق هونجبو إلى التحديات التي تواجه سوق العمل، موضحا أن التغييرات التكنولوجية والمناخية الكبيرة شكلت حاجزا كبيرا، مشيرا إلى التوافق بين منظمة العمل الدولية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وأكد أنهم حفاظا على خدمة عملاءهم في منظمة العمل الدولية، أحدثوا بعض الإصلاحات حتى تكون المنظمة قادرة على مجاراة التغيرات، مقدما شكره للدول التي انضمت إليهم وشاركت في اجراء الإصلاحات اللازمة.
وأثني على دور منظمة التعاون الإسلامي، مبديا ثقته في قدرتها على مجابهة تحديات سوق العمل في مقدمتها البطالة.
وشدد على ضرورة تعزيز التدريب المهني في أوساط الشباب، ودعم مبادرات التعاون الإسلامي، بجانب الالتفات إلى أهمية الصحة والسلامة المهنية، ومعالجة تحديات ومخاطر الذكاء الاصطناعي وعصر الرقمنة.
كما طالب بتعزيز الحماية الاجتماعية بعد أن كشفت جائحة كوفيد 19، الحاجة إلى ضرورة أن تكون هناك منظومة أقوى وأكبر للحماية الاجتماعية.
وأشاد بمركز العمل في منظمة التعاون الإسلامي المستحدث، داعيا الدول الأعضاء بالمنظمة للانضمام إلى المركز، نظرا للدور الذي ينتظره في المرحلة المقبلة.
وجدد ثقته في قدرة منظمة التعاون الإسلامي على تحويل تحديات سوق العمل إلى فرص ممكنة من خلال تعزيز دورها خلال المرحلة المقبلة.
وشهدت جلسة العمل الأولى، اعتماد مشروع جدول الأعمال ومشروع برنامج العمل، واعتماد تقرير رئيس كبار الموظفين، ومداخلات للوزراء ورؤساء الوفود، فيما شهدت الجلسة الثانية، توقيع النظام الأساسي لمركز العمل بمنظمة التعاون، واستكمال مداخلات الوزراء ورؤساء الوفود.
وفي الجلسة الختامية، تم اعتماد قرار الدورة السادسة، والتقرير النهائي، وكلمة ختامية لرئيس الدورة وزير العمل بدولة قطر.
يذكر أن المؤتمر الذي استمر لمدة يومين، تضمن استعراض المبادرات والمشروعات المشتركة التي تهدف إلى الحد من البطالة، وتنمية المهارات، وبناء القدرات، ودعم جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية في دول المنظمة، وتسليط الضوء على قضايا تنمية الموارد البشرية، وتعزيز فرص العمل والتوظيف، والحماية الاجتماعية، والتحول الرقمي، وتمكين الكفاءات الوطنية وتأهيلها لقيادة مختلف القطاعات الاقتصادية، والمشاركة الفعالة في مسيرة التنمية المستدامة.