اختتمت يوم الخميس أعمال الاجتماع العام السنوي الأول للشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا–أرين)، الذي تستضيفه السعودية ممثلةً في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، بمشاركة واسعة من الدول الأعضاء في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا فاتف)، إلى جانب منظمات دولية وإقليمية وشبكات استرداد الأصول النظيرة.
وفي ختام الاجتماع، ألقى وكيل هيئة نزاهة للتعاون الدولي الدكتور ناصر بن أحمد أبا الخيل كلمة نوَّه فيها بنجاح الاجتماع في تأسيس شبكة “مينا – أرين” وتشكيل قاعدة صلبة لمستقبلها.
وأضاف أنَّ هذه المحطة ليست مجرد إنجاز مهم، بل هي خطوة نوعية تؤسس لإطار عمل يعزز التعاون، ويدعم بناء القدرات، ويكرِّس التزامنا الجماعي بمكافحة الفساد والجرائم بكافة أنواعها.
وأكد أبا الخيل أنَّ شبكة “مينا-أرين” ستبقى ملتزمة بالتطوير والتحسين المستمر، لا سيما وأنها تسير وفق خارطة طريق واضحة وطموحة بهدف تعزيز جهود استرداد الأصول في مختلف أرجاء المنطقة.
وجدَّد التأكيد على أنَّ المملكة العربية السعودية ماضية بعزم راسخ في التزامها بتعزيز هذه الجهود، وأنها ستواصل القيام بدور فاعل ومؤثر في دعم نجاح شبكة “مينا-أرين”، وتطويرها المستمر.
وتلا أبا الخيل توصيات رئاسة شبكة “مينا-أرين” للدول الأعضاء، بما في ذلك ترسيخ الالتزام السياسي والعملي من خلال تفعيل نقاط الاتصال، وتكثيف تبادل المعلومات والطلبات ذات الصلة باسترداد الأصول، بما يعزز من فاعلية عمل الشبكة، ويجعلها أداة فعالة ذات أثر ملموس لدعم سلطات إنفاذ القانون.
وتضمَّنت التوصيات تطوير ومواءمة التشريعات الوطنية لتتضمَّن أدوات فعالة مثل المصادرة والتسويات والتدابير الحديثة لتتبع وتجميد الأصول غير المشروعة، بما يتوافق مع الالتزمات والمعايير الدولية، وبما يسهم في تسهيل عمليات الاسترداد عبر مختلف الدول الأعضاء.
كما دعت التوصيات إلى تعزيز التعاون مع المنظمات والشبكات الإقليمية والدولية ذات الصلة بمكافحة الجريمة والاسترداد، والتركيز على بناء القدرات الوطنية والإقليمية من خلال برامج تدريب متخصصة تستهدف المعنيين باسترداد الأصول غير المشروعة.
وكان اليوم الثاني والأخير للاجتماع قد شهد عقد عدد من الجلسات الحوارية لمناقشة مختلف القضايا المتعلقة باسترداد الأصول، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.
وتناولت أولى الجلسات موضوع “تعزيز التعاون الدولي لاسترداد الأصول على نحو فعال: التحديات والاستراتيجيات والشراكات”.
أدارت الجلسة الخبيرة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كاثرين مارتي، وتحدَّث فيها كلٌّ من كبير المدعين رئيس وحدة عائدات الجريمة في دائرة الادعاء الملكي بالمملكة المتحدة أدريان فوستر، ورئيسة مكتب استرداد الأصول في وزارة الداخلية بالجمهورية الفرنسية السيدة ألكسندرا فيلزين، والمقدَّم المفتش العام في مكتب استرداد الأصول بشرطة الدولة في جمهورية لاتفيا ناتاليا كيفلينيكس، إضافة إلى المدير العام لإدارة العلاقات الدولية في وكالة التعاون الدولي بهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، موضي بنت محمد بن جمعه.
وخلال الجلسة، سلَّط الخبراء الضوء على تجارب الدول، وأفضل الممارسات والاستراتيجيات التعاونية الرامية إلى تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، سواءً بين الدول أو ضمن شبكات استرداد الأصول الإقليمية القائمة.
وأكد المتحدثون على الدور الحيوي الذي تضطلع به الشراكات القوية والتنسيق المحكم في تحقيق استرداد أكثر كفاءة وفعالية للأصول.
كما تطرقوا إلى أبرز التحديات التي تعترض مسار استرداد الأصول على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، مع إبراز المبادرات الجارية والاستراتيجيات المبتكرة لتجاوز هذه التحديات وتعزيز جهود الاسترداد.
واستعرضت الجلسة الثانية أفضل الممارسات وآليات التنسيق بين الدول لتعزيز الشفافية والفعالية في استرداد الأصول غير المشروعة.
أدارت الجلسة رئيس فرع مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بريجيت ستروبل شاو، وتحدَّث فيها كلٌّ من المحقق الجنائي في المكتب الأعلى للادعاء العام بجمهورية كوريا مين جين تشو، وكبير المفتشين رئيس مكتب تتبع الأصول في الشرطة الوطنية، بمملكة إسبانيا دانييل يورينس، والمدعي المتخصص الأول في مكتب استرداد الأصول في الوحدة الوطنية للجرائم الخاصة في النيابة العامة بمملكة الدنمارك كريستيان سانينغ، إضافة إلى مدعي عام مكتب الادعاء العام في جمهورية البرتغال جواو دوس سانتوس.
كما عُقِدَت جلسة حوارية ثالثة مع المنظمات الدولية بعنوان “تعزيز استرداد الأصول: المعايير الدولية، والدعم والتعاون الدوليين مع شبكة مينا – أرين”.
أدارت الجلسة المدير العام لإدارة الاتفاقيات الدولية والإقليمية في وكالة التعاون الدولي بهيئة نزاهة، ميعاد الصغير، وتحدث فيها كل من مسؤول منع الجريمة والعدالة الجنائية، ممثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومبادرة ستار بدر البنا، والمستشار الوطني للشؤون الدولية في مكتب النائب العام بالبرازيل، نائب رئيس شبكة العمليات العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد (غلوب إي) بوني دي مورايز سواريز، والمحقق المالي المدير المكلف لمكتب استرداد الأصول الإيطالي بيير كاسانوفا موروني.
كما تحدَّث فيها مدير المركز الدولي لاسترداد الأصول في معهد بازل للحوكمة إيكر ليكوونا، وممثلة يوروبول وأمانة شبكة كارين أندريا تيرليا، والمدعي في مكتب المدعي العام الأوروبي مارتن بريس مان، ورئيس شعبة مكافحة الفساد في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) جوليا فرومهولتس.
واستعرض المتحدثون المعايير العالمية المعترف بها في مجال استرداد الأصول، ضمن برامج عملها المستمرة.
كما قدموا رؤى قيمة حول الدعم والمساعدة الفنية المتاحة لأعضاء شبكة مينا – أرين بما يعزز الجهود الإقليمية لتطوير آليات الاسترداد وتعزيز التعاون عبر الحدود.
وشهد اليوم الثاني أيضاً عروضاً تقديمية من ممثلي شبكة كارين وشبكات أرين الأخرى، استعرض خلالها المتحدثون الإنجازات البارزة والدروس المستقاة في مجال استرداد الأصول ومكافحة الجرائم المالية، مع إبراز الاستراتيجيات الناجحة، والتحديات التي تمَّ التغلُّب عليها، وأفضل الممارسات التي تسهم في دعم جهود شبكة “مينا – أرين” وتعزيزها.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الاجتماع يعدُّ نقطة تحول في مسيرة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى مكافحة الفساد، إذ يمثل الانطلاقة الرسمية لأعمال الشبكة الإقليمية الجديدة التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقرًا لأمانتها العامة الدائمة، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من التعاون المؤسسي، وتعزيزاً لدور المملكة العربية السعودية الريادي في دعم منظومة النزاهة وبناء الشراكات الدولية الفاعلة.