في خطوة استباقية لتعزيز أمن البنية التحتية الرقمية في الإمارات، أعلن كل من سوق أبوظبي العالمي (ADGM)، وأكاديمية أبوظبي العالمي، ومعهد الابتكار التكنولوجي، و(Hub71)، و(أسباير) Aspire، إطلاق أول مختبر تجريبي للاتصالات المؤمّنة بالتكنولوجيا الكمّية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتُعدّ هذه المبادرة نقلة نوعية في مجال الحماية السيبرانية، إذ توفر شبكة رائدة لاستكشاف تقنيات نقل البيانات الفائقة الأمان باستخدام التكنولوجيا الكمّية.
شبكة اختبار في بيئة تجارية حقيقية:
جاءت هذه المبادرة نتيجة للتعاون الوثيق بين الشركاء، إذ نشر معهد الابتكار التكنولوجي، الذراع البحثية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة (ATRC)، تقنية توزيع المفاتيح الكمية (QKD) في سوق أبوظبي العالمي، المركز المالي الدولي للعاصمة أبوظبي، ليؤسس بذلك أول شبكة اختبار من نوعها في بيئة تجارية حقيقية.
وتُعدّ هذه الشبكة مختبرًا حيويًا لتجربة الاتصالات الآمنة وغير القابلة للاختراق، وذلك في ظل التزايد المستمر للتهديدات السيبرانية. وتتيح الشبكة لأصحاب المصلحة التفاعل المباشر مع أجهزة توزيع المفاتيح الكمّية، واختبار سيناريوهات تشغيلية واقعية، وفهم التطبيقات المستقبلية لهذه التكنولوجيا.
البنية التقنية والمزايا الأمنية:
تتكون الشبكة من ثلاث عقد لتقنية توزيع المفاتيح الكمّية، تربط بين ثلاثة مواقع مختلفة ضمن نطاق اختصاص سوق أبوظبي العالمي، مع تثبيت أجهزة كمّية في كل موقع، ثم تقوم أجهزة توزيع المفاتيح الكمّية بتوفير مفاتيح التشفير لطبقة الشبكة المشفرة، مما يتيح التواصل الآمن عبر سوق أبوظبي العالمي.
وتتمتع البيانات المنقولة عبر هذه الشبكة بأعلى درجات الأمان المتاحة حاليًا، لأنها محصّنة بالكامل ضد الهجمات الرجعية، وهو أمر بالغ الأهمية مع اقتراب ظهور الحواسيب الكمية القادرة على كسر أنظمة التشفير التقليدية الحالية.
الأهمية الإستراتيجية والأهداف:
أُطلق المختبر بتسهيل من (أسباير) Aspire، ذراع التحول التكنولوجي لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، بهدف ربط البحوث المتقدمة بالتطبيقات الواقعية وتعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة.
وتُعدّ هذه المبادرة دليلًا على النهج الاستباقي لسوق أبوظبي العالمي في التصدي لمخاطر الأمن السيبراني وتعزيز مرونة البنية التحتية الرقمية، وتحديدًا لتلبية احتياجات منظومته المالية وشركات الأصول الرقمية.
وقد أكد سالم الدرعي، الرئيس التنفيذي لسلطة أبوظبي العالمي، أن هذا التعاون يمثل خطوة مهمة لتعزيز مكانة أبوظبي في مجالات الأمن الرقمي والابتكار. وأوضح أن تقنية توزيع المفاتيح الكمّية ليست مجرد تطور تقني، بل هي أساس لضمان أمان الاتصالات الرقمية المستقبلية، خاصة في البنية التحتية للأنظمة المالية.
كما أشار الدرعي إلى أن هذه المبادرات ترسخ مكانة أبوظبي والإمارات العربية المتحدة كقادة في تبني التقنيات المتقدمة، مما يعزز القدرة التنافسية للسوق المحلي ويدعم مكانة الدولة على المستوى العالمي.
ومن جهتها، وصفت الدكتورة نجوى الأعرج، الرئيس التنفيذي لمعهد الابتكار التكنولوجي، هذه المبادرة بأنها خطوة محورية لتحويل الأبحاث العلمية المتقدمة إلى تطبيقات عملية ومؤثرة. وأوضحت، أن إدماج الاتصالات المؤمنة بتقنية الكم في بيئة عمل حقيقية يؤكد نضج هذه التكنولوجيا، ويساهم أيضًا في إعداد منظومة الابتكار في دولة الإمارات للدخول في عصر جديد قائم على تكنولوجيا الكم.
ومن ثم؛ يُعدّ إطلاق هذا المختبر التجريبي خطوة مهمة نحو تأمين المستقبل الرقمي، ليس فقط في الإمارات، بل كنموذج رائد على مستوى المنطقة، يجمع بين الابتكار العلمي والتطبيق العملي لتعزيز الأمن الرقمي في بيئة أعمال حقيقية.