• ×

قائمة

Rss قاريء

افتراضياً : أنت رماديّ ، إذاً أنت مثقف !

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
أروى الزهراني .. جدة . نبراس

لأن العالم الافتراضيّ أضحى بمثابة وسيلة إعلامية نافذة وَ واسعة التدفق ،
و كـ افتراضيين ، مُنغمسين معظم الوقت في هذا المكان
متنقلين من مدينة افتراضية لأخرى ،
وجب أن نُسلّط الضوء على ظاهرة مُثيرة للجدل
بكل نتائجها و أهدافها وَ أسبابها ،
المتضرر منها دائماً نحن [ الجمهور الإفتراضي ] أو المُتلقّي أياً يكن .
ينتمي هذا المتلقي إلى واحدة من هذه التقسيمات ،
فهناك المتلقي الحساس ، و هناك المتلقي اللا مبالي ، وهناك المتلقي العنيد ،
فيما يخص الظاهرة هنا ، نحن غالباً المتلقي الحساس ،
الذي يتأثر أكثر من غيره و ينحاز بكل عاطفة و يتوحد مع الرسالة ،
تنامت الطقوس الرمادية ، بدءاً بالأسماء المستعارة ، التفاعلات ، النصوص و الإنتقاءات ،
أصبح هناك تبجيلاً مُصطنعاً للقهوة و الموسيقى ،
التشدق بالكتب في صور العرض بات دليلاً و إشارة ،
ليست هذه المُشكلة الكبرى فأحياناً للنفس ميولها ولهؤلاء كل الإحترام
إن كان الهدف سليم النيّة ،
المعضلة هنا كونها تلك الطقوس أضحت علامة مُسجّلة للمثقف ،
و البقية تقليد ،
باتت الرمادية التي يعتنقها أحدهم وسماً لثقافته في نظر المُتلقي ،
و له كل الإنحياز و التأثر ،
بغض النظر عن رسالته التي يوجهها ،
وهذه مشكلة خطيرة أخرى ! ..
كون الشخص يميل للأدب ،
و ينتقي الفُصحى من النصوص ،
و يكتب الذي لا بأس به من الكلمات ،
لا يعني أنه بالضرورة مثقفاً ،
ولا يوجب ذلك إقران الكتاب بالقهوة مثلاً ليُقال عنه أديباً ،
وليست بالضرورة أن تُقرأ رواية و هناك سيمفونية تُعزَف ليعتقد الآخر وصول هذا الشخص لأعلى درجات الذائقة ،
سماع فيروز عند كل صباح ليس واجباً قومياً والربّ !
بالإمكان ارتشاف القهوة في ظل آية قرآنية تشرح الصدرْ '
و من الممكن قراءة كتاب وشرب عصير البرتقال مثلاً ،
ليست القهوة حكر على القراءة ،
و ليست مقياس للثقافة ولا للذائقة ولا لأي شيء .
أحياناً تقرأ مئة كتاب لكنك لا تُعد مثقفاً
لأن كل الذي قرأته سخيفاً ربما يدور حول فكرة واحدة ،
أن تكون مثقفاً يعني أن تكون بفِكرْ و وعي و كم معلوماتي جيد
في أكثر من مجال ،
بعيداً عن الرمادية و القهوة و الموسيقى و فيروز ..
بإمكانك عزيزي الكتابة و أنت تحتسي السن توب مثلا !
و بإمكانك يا آنسة القراءة فحسب لأن الغاية هنا القراءة
ليست سماع الموسيقى مثلاً أو شرب القهوة !
فرق شاسع بين الطقوس التي تميل لها
وبين ثقافتك ،
أحترم كونك مُحباً للقهوة و لفيروز و للموسيقى
والكتب و القراءة ، جميعنا كذلك ،
لكن كل هذا ليس إثباتاً على مستوى ثقافتك
ولا يمنحك عن أي آخر أي تفضيل ،
وصلنا لمرحلة قوية من التأثّر و الأنحياز تجاه هؤلاء
حتى نتفاجأ تماماً بخواءهم من أي ثقافة ،
ارتبطت لدينا الثقافة بهذا المظهر الرمادي فحسب
تكونت لدينا نظرة ،
بأن جميل الذائقة هو صاحب القهوة و فيروز و الكتابة ،
الهراء الذي نتشدق به ليس له أي علاقة بالثقافة
ولا يدل على تفرّد الذائقة ،
و ما زاد من الأدباء العظماء شرب القهوة
و سماع فيروز في الصباح
ولا أنقص منهم .
فلترافقكم سلامة العقل أعزائي
و ليوفقنا الله دائماً في إختلاس الحقيقي هنا
من بين مئات المُستنسخين ،
والقدرة على رؤية ما وراء الرتوش دائماً .
و كنصيحة أخيرة :
[ المثالية في غير موضعها مقززة ]
و المعنى أتركه لكم .

بواسطة : أروى الزهرانى . جدة
 4  0  470

التعليقات ( 4 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    10 أكتوبر 2015 02:45 مساءً سمر ركن :
    شكرا أروى ولكل من بدأت بالتوجه لكتابة المقالات لتدمج فى عطائها شخصية كاتب الخاطرة والمقال
    بارك الله جهود ملهمى و ملهمات " ادبيات نبراس"
    حقا " أنتم وقود الإبداع"


    Samar
  • #2
    10 أكتوبر 2015 03:52 مساءً سيدرا :
    يحدث ان تتشابه الأفكار والآن امنت بذلك كأنما دونتي مشاعري في أفضل صورة*
    مبدعة اروى / استمري عزيزتي
  • #3
    11 أكتوبر 2015 01:47 مساءً فاطمة علي . :
    حينما تُسيطِر المظاهِر على الجوهر والمضمون حتمًا سيعم التخلّف الفكري والمعرفي ، إذًا الجوهر قبل كل شيء وليأتي بعده مايأتي ، *موضوع يستحق النقاش ؛ اختيار موفّق واسلوب رائِع ومُتقدم *
  • #4
    12 أكتوبر 2015 01:12 صباحًا شآء :
    باتت تلك الميول محصورة على قلة*
    من اعتقد انها من مقدسات الكاتب المثقف وغيره ،
    علامات لا نعلم ماسر من يتقيد بها حتى يصبح من معالم*
    الجهل بالثقافه ، ويتزين بها الى اللاشيء ، للاسف دائما نتخذ بعض المقومات اللافائدة منها للاعتناق بها تحت ظل "معاهم معاهم وعليهم عليهم "،*
    اخيرا: لقداسة حروفك بقلبي سعيده بوجودها حيث المكان الصحيح شكرا عزيزتي أروى ❤

جديد المقالات

بواسطة : مريم عبدالله المسلّم

لسان البشر عضلة تخلو من المفاصل والعظم إلا أنه...


بواسطة : سميرة عبدالله أبوالشامات

نجتمع في رمضان على العمل الصّالح المبارك بتفطير...


القوالب التكميلية للمقالات