• ×

قائمة

Rss قاريء

أمي العظيمة جمعة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الكاتبة أمنة صالح فنانة تشكيلية

تجمدت كل احاسيسي وتيبست الدماء في عروقي ، لا اعلم ماذا حل بي ؟؟ لم يعد للكتابة والرسم والحياة اي حياة بعد رحيلك ، امي العظيمة اسمحي لي ان اقول انك لم ترحلي انه قرار اكبر من مقدرتي على الفهم ، منهارة تماما ، تائهة بيني وبين ذاتي ، تسربت من اطراف اصابعي ومن تحت أظافري لآخر قطره مني كل ملامح الحياة ، انسكبت كل احلامي على ارض امتصت كل رطوبتها وبقيت جافة جافه .جافه . لا تصلح لغراس ..
امي العظيمة جمعه ، انتظرت خروج كل زوبعة اكوام البشر الذين تجمهروا لمواساتي ،ابتلعت بغصة كل دموعي اخفيتها في حلقي الجاف وانتظرت حتى بالكاد خرجوا وخلي البيت لي وحدي ، وما ان اغلقت الباب لأخر جسد بشري كان عندي حتى هرعت مسرعة لأدخل لغرفتك والقي بنفسي على سريرك واستجمع كل صراخات الالم وابكي وابكي وابكي ناديتك بهمس مرغمة لألم اشعر به ، حادثتك ، عاتبتك ، لماذا تتركيني؟؟ لما لا تأخذيني معك ؟؟
اعتدت على مصاحبتك في كل مكان ، اعتدت اعداد الفطور لك ، اعتدت ان نخطط سويا وننجز سويا ، نتنزه سويا ، نعقد العزائم والولائم سويا انتي بدور سيدة المنزل وانا بدور رجل المنزل ، نجحنا في استقلاليتنا ، ضحكنا سويا ونمنا سويا خرجنا سويا وعدنا سويا، كم اختلفنا وكم وبختيني وكم عدتي تحادثينني وكل منا يعامل الاخر ك صديق ...
لماذا يرحل كل ذلك . لماذا يا ايتها المرأة العظيمة الحكيمة الطاهرة ... اخبريني
عودي لبضع ثوان واخبريني . لماذا تخلفين وعد صداقتنا وترحلين وحدك............
اااااه يا أمي .. احاول جاهدة أن استوعب ما هو اكبر من مدى استيعابي برحيلك .. احاول ان اتعايش من موتي
اني الان جسد يتحرك بلا روح .. ذابت ملامحي .. انكسرت احلامي .. تفتت كل سعادتي وانتثرت في مهب فقدك ...
ااااه ياوجعي الذي ابتلعه كتلة جافة عالقة في قصبتي الهوائية مختنقة تماما تماما ليس ذلك فحسب بل احاول تكسير جفاف وجهي و انحت ابتسامة غبية تبعد عني نظرات الشفقه ...
أيتها المرأة العظيمة ... كم كنت قوية بك .. بجبروتك وبفكرك وبحكمتك وبصبرك وبحبك ... هل يعقل ان كل ذلك رحل
هل يعقل بان تلك المرأة العظيمة رحلت كلها .... كلها رحلت .. رحلت كلها ؟؟؟؟؟
كيف لي أن اعيش .
. كل وقت يمر ويعد بأنه يوم في نهايته اضع رأسي على الوسادة وانا مؤمنه بأني سأنام لألقاكي .. لكن افتح عيني واجدني مازلت هنا .. واخلع نفسي من على السرير لاتقنع واخرج واسحب يأسي مع ظلي الميت ... ليمر اليوم هلامي لا نبض فيه وانتظر ما انتظر!!! لا ادري ماانتظره واعود لاضع راسي على الوسادة هاقد انتهى يوم اخر واغمض عيني لأرحل اليك وماهي الا ثوان وافتح عيني لأجد انه يوم اخر بدأ ... يالله اي دولاب يدور بي .. اخلع نفسي من فراشي ثانية واتقنع واجر يأسي .. ياااااه وما اثقل ذلك ...
اين اغمس وجهي لأختفي .. اين اذهب وانا ادور بذات النقطة .. اين انتي يابوصلة حياتي ايتها السيدة العظيمة ..
كنت استمتع بسماع الاغاني في صباحي كان هناك عصافير .. كنت ابصر للصباح ضوء .. وكنت استمتع بحضن ابني .. وكنت استبق الخطا لألتقي بصديقاتي كنت اشاكس في دوامي المدرسي واعود لأحكي لكي قصص الطالبات يوم اضحك منهم ويوم ابكي منهم وكل ذلك في حضرة حضورك ... والان لمن سأحكي ولمن سأضحك ؟؟ لمن سأبكي ولمن سأغني؟؟ واي طعم اتلذذ به في حضن وسام وانا لا اجدك تربتين على كتفي ؟؟؟؟
..لا لا لا يا أمي كثير ذلك علي .كثير جدا
انا وان كنت قوية .فأنا الان اصبحت بين ليلة وضحاها طفلة تائهة ... تائهة جدا .. اشعر بالبرد واشعر بالفقد واشعر بمزيج ألم ويتم ...
. خااااااارت قواي ياأمي ... انتهت عزيمتي وماتت تلك المرأة الحديدية التي كنتي مغرورة بها وتقولي عنها انها عن الف رجل ... ذااابت رجولتي وغلبت انوثتي .. وبقيت الان طفله تنام واصبعها في فمها ....
اااااه يا أمي العظيمة ... في اخر ليلة نمتي فيها بحضني ملكة بكل مافيكي من كبرياء .. نمتي بحضني وأغمضت عيناكي ورحلتي وانتي بحضني ..... انطفأت لحظتها كل شمس بكوني .. وبقيت انا في هذا العالم نقطة تلاشي لكل معاني الحياه ...
كم وددت لحظتها ان اغرس رأسك بصدري وتمتزجي بي واخفيكي بين اضلعي .. لتنامي داخل جسدي ولا ترحلي بكل شيء ...
كيف ذلك وانتي الحياة بأكوانها والشموس والمدارات كلها تدور حولك فانتي بوصلة الحياة يا أمي ...وهنا توقفت كل الحياة بصمت مؤلم بشع ليس له صدى سوى الفقد ..
كل ذلك رحل !!!!!!!
الحمدلله حتى لايفقد العقل استيعاب ماهو اكبر من استيعابه
ايتها السيدة العظيمة
عزائي ان تكوني الان ملكة عند اكرم الاكرمين ، ومني لكي مادام لي نصيب بأن ارى الايام ان تتوالا بان امنحك كل الدعوات ان يجمعني الله بكي في الفردوس الاعلا حيث لن افقدك مرة اخرى ....
امي العظيمة .. ........ ....... افتقدك

بواسطة : الكاتبة أمنة صالح فنانة تشكيلية - جده
 6  0  2782

التعليقات ( 6 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    17 يونيو 2016 02:17 صباحًا أبو خالد 13 :
    رحم الله والدتك وأسكنها أعالي الجنان *وعظم الله أجرك انتي والعائلة الكريمة*
  • #2
    17 يونيو 2016 02:28 صباحًا أبو خالد 13 :
    رحم الله والدتك وأسكنها أعالي الجنان وعظم الله أجرك*
  • #3
    17 يونيو 2016 06:28 مساءً أمل العمري :
    رفقاً بقلبك آمنة ..*
    فالذي يفرق بنا عن غيرنا إيماننا الصادق بأن هناك لقاء أبدي سرمدي يحتضن فيه كل حبيب حبيه .. فلا حزن هناك ولانصب ولاهم ولا ضيق .. فقط سعادة ولقاء وصحة وهناء وفرحة تدخل القلب لاتخرج منه أبداً ....
  • #4
    18 يونيو 2016 04:47 صباحًا حنان :
    اسال الله لها الفردوس الاعلى
  • #5
    18 يونيو 2016 04:19 مساءً فايزة حامد :
    الحزن غابة استوائية اشجارها تلامس السماء متشابكة*
    الشمس عندما تشرق عليها ترسل خيوطها بين اغصانها مثل الامل الذي يبقى في داخلنا .... رحم الله خالتي جمعة*
  • #6
    18 يونيو 2016 04:25 مساءً حكاية عشق . :
    رحم الله والدتك واحسن الله عزائك فيها*
    وتذكري دائمًا ان كل شيء يولد صغير ويكبر مع الايام، إلا الحزن فإنه يولد كبير ويصغر مع الايام .*

جديد المقالات

بواسطة : مريم عبدالله المسلّم

لسان البشر عضلة تخلو من المفاصل والعظم إلا أنه...


بواسطة : سميرة عبدالله أبوالشامات

نجتمع في رمضان على العمل الصّالح المبارك بتفطير...


القوالب التكميلية للمقالات